01‏/02‏/2012

الأرنب والسلحفاة

كل منا له فكرته الخاصة وهدفه الخاص الذي يسعى لتحقيقه على الدوام، لكن لا يوجد على وجه الارض اي هدف يدرك دون عمل، ولا يكتب النجاح لأي عمل دون تخطيط. وهنا على أرض فلسطين، أفكارنا وأهدافنا وأعمالنا جميعها تصب في فيضان التحرير _ أو كما ندعي_ لتعود ملكاً لأصحابها كما كانت. ولكي نسطيع إدراك هذع الغاية لا بد من أن نوضح لأنفسنا أفكارنا وأهدافنا ومخططاتنا للعمل، وأن نتبع سياسات على مستوى عالي من الفكر، وحتى نتمكن من بلورة سياستنا هذه لابد أن نتعرف جيداً على خصمنا وأن نفهم سياسته ومخططاته وطريقته الذهبية التي تمكن بها الايقاع بنا، وأن ننظر إلى ما يرمي له أبعد من ذلك أيضاً.
اليهودية العالمية مصطلح لم يكن شائعاً في هذه المنطقة أثناء معمعة الحكم العثماني، ولم يعد شائعاً هذه الأيام إلا على عدد قليل من الألسن، كما الماسونية أيضا التي هي امتداد لعصابات كانت تطلق على انفسها اسم تايجرز (النمور) في فترة الحكم الروماني، والمعظم ينظر بعين العقلانية الزائفة فيرى صراعنا مع اسرائيل التي ما هي إلا مخلب من مخالب الماسونية، والماسونية ما هي إلا قفازات ترتيها اليهودية العالمية، ومن هنا نكتشف أن مشكلتنا ليست مع اسرائيل ككيان مزق بكارة الوطن العربي، بل تكمن قضيتنا وصراعنا مع مصدر هذا الكيان (رأس الأفعى) والقواعد التي يطلق منها والعقول التي تحركه.

ربما يحك بعضكم رأسه متسائلاً عن دور الصهيونية التي لم أتكلم عنها حتى الآن!!! أما الصهيونية فهي القفاز الآخر في يدي اليهودية العالمية.
فلنحصر أنفسنا قليلاً في قضيتنا ونسأل أنفسنا: متى بدأت ومتى أدركناها؟؟؟
يصعب علينا التحديد بشكل قاطع لمتى بدأت قضيتنا _مأساتنا_ بتاريخ محدد، هل بدأت منذ تحول أنظار اليهودية العالمية من أوغندا نحو فلسطين؟ أم منذ كتب التلمود الذي يدعي أن فلسطين هي أرض ميعاد اليهود؟ أم قبل ذلك أم بعده؟؟؟
والتساؤل عن الوقت الذي أدرك فيه الشعب الفلسطيني خاصة والعالم العربي عامة القضية الفلسطينية وإن كان تحديد وقتها أسهل. يعتقد البعض أن العرب أدركوا المشكلة العربية بشكل عام بعد ظهور معاهدة سايكس بيكو بين بريطانيا وفرنسا عام 1916 التي تهدف لتقسيم اقطار الوطن العربي بعد انتهاء الحرب العالمية والإطاحة بالعجوز الهرم (الدولة العثمانية)، اما القضية الفلسطينية بشكل خاص فيعتقد البعض أنها بدأت مع ميلاد وعد بلفور المشؤوم عام 1917 والذي يمنح اليهود وطناً قومياً في فلسطين، أم أن الشعب الفلسطيني ألم بمصيبته عام 1929 بعد الاعتداء على مربط بالبراق وانطلاق ثورة البراق التي اشتعلت شرارتها الأولى في القدس وامتدت لأرجاء الوطن كافة.
للإجابة عن هذه التساؤلات لا بد أن نتتبع ما يمكننا تتبعه من تاريخ اليهودية العالمية، فهي مصدر الداء الذي يكتنفنا.
سأقف الآن على القيصرية الروسية كمحطة أولى لتتبع بعض سياسات اليهودية العالمية _مشيراً إلى أن هذه الوقفة في القيصرية الروسية تأتي بعد فترة طويلة من دعم اليهودية العالمية لجورج واشنطن واستقلال الولايات المتحدة الامريكية وتوسيع نفوذ اليهود فيها لتلتفت لقوة عظمى أخرى_ وعند الحديث عن دورها في القيصرية الروسية أبدأ بذكر 13 مارس 1881 مقتل الكسندر الثاني الذي يرجح أن الارهابيون اليهود (منظمة عشاق صهيون) قاموا باغتياله بالقنابل، وفي الفترة بين (1881-1894) قبل ظهور القيصر الأخير نيقولا الثاني. ومحاولاتهم لدك القيصرية الروسية، بعدها بدأوا بالتخفي والدعوة للإندماج الشكلي في ذلك الوقت (الهسكالا)، ومن هنا بدأت دعوة عشاق صهيون لليهود واهتمامهم بأمر الهجرة إلى فلسطين، حتى سمحت لهم فرصتهم الكبرى بالظهور من جديد بعد قيام الحرب العالمية الأولى ودعمهم لفرنسا وبرطانيا على حساب القيصرية الروسية بكامل ذهبهم الذي يمثل رأس المال الأكبر في العالم، وبعد انتشار الأفكار التحررية والمذهب الشيوعي في القيصرية الروسية واشتعال الحرب مع اليابان في العقد الأول من القرن العشرين، حين قامت منظمة عشاق صهيون بقتل نيقولا الثاني آخر القياصرة سنة 1917 لكسب استعطاف الحرب البلشفي الشيوعي بعد قيامه بثورته وانسجاب القيصرية الروسية من الحرب العالمية الأولى مثقلة بالهزيمة، التي تزامن معها الضغط اليهودي على الولايات المتحدة لإشراكها في الحرب في السنة الاخيرة منها لحسمها بشكل جلي، بعد أن كانت اليهودية العالمية قد رسمت مخططاتها سابقاً وحددتها تماماً في مؤتمر بازل في سويسرا عام 1897 بزعامة هرتزل، وانتهاء فرنسا وبريطانيا من اتفاقية سايكوس بيكو، وانتزاع المليونير اليهودي البريطاني روتشيلد  وعد بلفو من بريطانيا.
ما سبق ليس إلى ومضة سريعة من المخططات الواضحة لليهودية العالمية، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل من الممكن أن تستطيع حنكة المفاوضين الفلسطينيين الذين لا يملكون ألسنتهم أن بنتصروا على تلك العقول، أم أن البندقية الفلسطينية التي خالطها الصدى شيئاً فشيئاً إلى أن التهمها بالكامل ستعيد تجديد نفسها وتستميت في القتال وحدها مستغنية عن الأكتاف التي تتثاقل بالأوسمة، لتعيد لنا البندقية آثار طريق العودة التي بددها غبار الزمن؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق