02‏/02‏/2012

أعطني البديل، أعطك الثورة 1

ما تقرأه من كلمات حاليأ لا يقتصر على ما يمر به الوطن العربي من ثورات بدأت خضراء وروت بذرة النيل فكبر حد الطوفان، وإن كانت تتزامن معها. كما أنها لا تحرض ضد الإعلام أو الأعلام وإن كانوا ضمن سياق مستجدات الاحداث العربية.
الثورة في الوقت الحالي - من منظوري الشخصي - تمثل ثقافة شبابية اشتاحت الوطن العربي بقدر ما اشتاحته ثقافة الفيس بوك وثقافة الفن الهابط وعدد آخر من الثقافات، لكنها تحمل في طياتها إصلاحاً داخلياً لحاملها على عكس الإجتياحات الاخرى المبطنة بالجشع والمصالح الشخصية. وكون الثقافة الثورية تُلهب وتُلهم عقول الشباب العربي فهي أقوى من أن تخلق ميته –كما اعتدنا على اي جميل في جديد العالم العربي- وهي نقطة يزداد الالتقاء عندها لا الابتعاد. لكن مفهوم الثورة والنظرة لها فهو مفهوم شخصي لكل منا حسب خبرته الفكرية ومرجعياته، أي الإختلافات موجودة لكنها طافية على السطح كزبد البحر وما أسهل إزالته إن لم يغذها أي قوة خارجية من شأنها أن تبطئ الحركة لا أن تعطلها.
          والثورة هي حالة من عدم التوازن في الدولة إلى أن تنتصر أو تنكسر ليعود التوازن النسبي للدولة، ومن المستحيل منع الأخطاء من الوقوع في حالة قيام فوضى عارمة في البلد تدفع بضعاف النفوس إلى إستغلالها ليطلقوا أيديهم نحو ما يمكنها أن تطوله لتسرقه وما إلى ذلك من أعمال همجية وجدت طريقاً للظهور على السطح،
وأنا لا أنكر تفاؤلي بظهور هذه الطبقة من الناس، لأنها ستقوم بفضح نفسها وتضع نفسها في سرداب المساءلة والمحاكمة بعد اعادة التوازن للدولة. والمأسة تكمن في حالة استلامهم لزمام الأمور بعد عودة المياه لمجاريها. هذا هو السبب الذي دفعني لأن أتخلى عن القليل من وقتي الذي احترفت إضاعته دون فائدة. والسؤال المطروح هنا "ماذا بعد؟".
          فلنفترض -جدلاً- أن الثورة اشتعلت وحصد ثمارها الطبقة التي عاثت فساداً أبان اشتعالها؟  هنا فالثورة بحاجة لثورة آخر. أما اذا نجحت ولم تبق على أحد من رواد تجارة الانسانية وأسقطت رؤوس الحكم المغضوب عليهم عن بكرة ابيهم، فما هو الضمان الذي يمتلكه الشعب ليثق في قيادة جديدة على أنها هي قيادة الإصلاح وهم رواد العدالة؟ نظراً لتوالي الوجوه المختلفة وتشابه الأفئدة طيلة العقود الماضية، هل من موجه للفوضوى العارمة ليجعل منها فوضى منظمة أم أنها ستنقل الشعب لفوضى أكبر؟ وفي حالة إجراء الإنتخابات أنت أيها الناخب الوطني الشريف وأنا قبلك أسأل نفسي، هل أنا مؤهل للحكم على من يعرض نفسه على أنه أهل للحكم بأن تحكم عليه أنه الإختيار الصائب؟ أنا عن نفسي مؤمن بالحديث الشريف القائل: من طلب الإمارة فلا تؤمروه.-إن لم تؤمن أنت به فهذا شأنك ويمكنك الاستناد لما تؤمن به من مبادئ اخرى لتجب على التساؤل المطروح، كما أنني لا أتمتع بتلك الحنكة السياسية والخبرة الشخصية التي تؤهلني لمعرفة تفاصيل حياة المواطن الذي يدفع نفسه وسط  تيار المسؤولية واستلام المنصب باسم تحقيق العدالة.
          في النهاية؛ ومن منطلق أن القارئ العربي لا يحب أن يقرأ كثيراً لم أطل في الحديث لكنني سأكمل الحديث في موضع آخر لمن يقرأ لأنه يحب الاستفادة والإفادة ليس لمن يقرأ كي لا يفقد مهارته وقدرته على القراءة. ومما سبق ارجوا ممن يجد في نفسه القدرة على الإجابة عن تساؤلات ما بعد الثورة أن يضيء عقلي بها. وإن حصلت على بديل أفضل مما لدينا الآن أعدكم بإعطائكم الثورة.






يتبع
رابط القسم الثاني http://t-al-ali.blogspot.com/2012/02/2.html

هناك تعليق واحد:

  1. عشان هيك الثورة اللي بتقوم لازم نحافظ عليها، نكمل فيها، ما بتنتهي الثورة بإسقاط الحكم، بتنتهي الثورة لما يصير الوضع صح، يعني لما الحكومة تخاف من الشعب وتشتغل عشانو بدل ما الشعب يخاف من الحكومة وينهان منها ..
    وإفرض جدلا إنو بعد الثورة أجت ناس عاطلة تحكم، عالقليلة بتضمن إنو مش حتضل 30 سنة، خنوع الشعوب انحرق مع البوعزيزي وعمرو ما رح يرجع :)

    ردحذف